تعتبر المنافسة التسويقية بين بيبسي وكوكاكولا واحدة من اشرس المنافسات التي حدثت بين الشركات، تنافست فيها شركة بيبسي مع شركة كوكاكولا حول من سيكسب أكبر قدر من إجمالي السوق، ونجحت كلا الشركتين في إبراز كل ما لديها من قوة، وكلا الشركتين إستعانة بطرق تسويقية يتم تدريسها إلى الان في تخصص التسويق.
تعريف المنافسة التسويقية
تعتبر المنافسة التسويقية ظاهرة تتنافس فيها الشركات التي تسعى للهيمنة على سوق معين من خلال استخدام استراتيجيات تسويقية متنوعة ومبتكرة، وفي هذا النوع من المنافسات تعتمد الشركات على مجموعة من الأدوات والأساليب لجذب انتباه المستهلكين وتكسب حصتهم من السوق قبل منافسيها، وذلك ما قد يشمل الحملات الإعلانية الضخمة والتخفيضات والعروض الخاصة وتحسين المنتجات والخدمات واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الرقمية في هذه الظاهرة، وتعد هذه الظاهرة التسويقية من أبرز سمات الاقتصاد الحر، حيث تشجع على الابتكار والتحسين المستمر لتلبية احتياجات وتوقعات المستهلكين بشكل أفضل، فهي في صالح المستهلكين قبل كل شيء.
نبذة عن بيبسي وكوكاكولا
بدأت هذه القصة التي تنافست فيها بيبسي وكوكاكولا منذ أكثر من قرن كامل، حيث تعتبر هاتان الشركتان من أكبر وأشهر الشركات المصنعة للمشروبات الغازية في العالم في الوقت الحالي، وتم تأسيس شركة كوكاكولا في عام 1886 في ولاية جورجيا التابعة للولايات المتحدة الأمريكية على يد الصيدلاني جون بيمبرتون، وتم تسويق المشروب في البداية كمنشط طبي قبل أن يتحول إلى مشروب غازي مشهور عالميًا.
وتأسست منافستها شركة بيبسي بعدها بأكثر من عشر سنوات، وبالتحديد في عام 1898 على يد الصيدلاني كالب برادهام في ولاية كارولاينا الشمالية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تسمى في البداية باسم “مشروب براد” قبل أن يتغير اسمها إلى بيبسي كولا، ومنذ نشأتها ركزت شركة بيبسي على تقديم بديل منعش ومميز عن كوكاكولا، مما أدى إلى بداية تنافس طويل الأمد بين الشركتين.
على مر العقود استخدمت كل من بيبسي وكوكاكولا استراتيجيات تسويقية مبتكرة وجريئة جدا لجذب المستهلكين وبناء قاعدة عملاء وفية لمشروبهم، ومن خلال الحملات الإعلانية البارزه والعروض الترويجية الفريدة والرعاية الرياضية والثقافية، أصبحت الشركتان رمزين للثقافة الشعبية وأيقونات في صناعة المشروبات الغازية، وهذا التنافس الشديد دفع كل شركة إلى تحسين منتجاتها باستمرار والبحث عن طرق جديدة لإبهار وإرضاء المستهلكين.
بداية المنافسة التسويقية بين بيبسي وكوكاكولا
بدأ التنافس الحقيقي بين بيبسي وكوكاكولا في أوائل القرن العشرين، وذلك بعد فترة قصيرة من تأسيس الشركتين، وفي البداية كانت كوكاكولا تتمتع بسيطرة شبه كاملة على سوق المشروبات الغازية، حيث كانت تعرف بأنها المشروب الغازي الأكثر شعبية في الولايات المتحدة، وفي ذلك الوقت لم كن لشركة بيبسي أي سمعة.
في عام 1902 بدأت بيبسي كولا تظهر على الساحة كمنافس جدي لكوكاكولا، بفضل تركيزها على تقديم مشروب منعش بسعر معقول، وفي العقد الثاني من القرن العشرين بدأت بيبسي في إطلاق حملات تسويقية جذابة تستهدف فيها المستهلكين الباحثين عن قيمة جيدة مقابل المال، مما أضاف طابع التنافس الشديد في الأسواق الأمريكية.
أحد أهم النقاط التي أشعلت التنافس بين الشركتين كان في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما قامت بيبسي بخفض سعر مشروبها لتقديم ضعف الكمية بنفس سعر كوكاكولا، وهذا التحرك الجريء جذب انتباه الكثير من المستهلكين وأدى إلى زيادة مبيعات بيبسي بشكل كبير، وفي نفس الوقت بدأت بيبسي في استخدام إعلانات راديو مبتكرة وبرامج موسيقية لترويج علامتها التجارية، مما ساعد في ترسيخ مكانتها في السوق، ولقد ساعدت إدارة الشركة على إنجاح الشركة بشكل كبير.
ومع مرور السنوات تطورت المنافسة التسويقية بين بيبسي وكوكاكولا لتشمل استراتيجيات أكثر تعقيدا وإبداعا،وذلك بسب تطور التقنيات الحديثة وظهور أنواع جديدة من الأدوات التي تستطيع الشركتين إستغلالها، مثل الرعاية الرياضية والثقافية وإطلاق منتجات جديدة واستهداف فئات مختلفة من المستهلكين، وهذه المنافسة الشديدة لم تقتصر فقط على الولايات المتحدة، بل امتدت حتى لتشمل الأسواق العالمية، مما جعل كل من بيبسي وكوكاكولا رموزا عالمية في صناعة المشروبات الغازية والمنافسة التجارية.
أول حملة لشركة كوكاكولا
في السنوات الأولى من القرن الماضي بدأت كوكاكولا في بناء علامتها التجارية من خلال حملات تسويقية مبتكرة آنذاك، وواحدة من أولى الحملات البارزة كانت حملة “اشرب كوكاكولا”، والتي ركزت على الترويج للمشروب كمنشط ومشروب منعش، واستخدمت الشركة إعلانات في الصحف والمجلات بالإضافة إلى الملصقات واللافتات في الأماكن العامة.
في عام 1929 أطلقت كوكاكولا حملة “المشروب المثالي لكل المناسبات”، حيث سعت لتعزيز فكرة أن كوكاكولا يمكن تناولها في أي وقت ومكان، وهذه الحملة ساعدت في ترسيخ مكانة كوكاكولا كجزء لا يتجزأ من الحياة اليومية للعديد من الناس.
أول حملة لشركة بيبسي
على الجانب الآخر بدأت بيبسي في جذب انتباه المستهلكين من خلال حملاتها التسويقية الجريئة والمختلفة، وفي فترة الثلاثينيات أطلقت بيبسي حملة “ضعف الكمية بنصف السعر”، حيث عرضت زجاجات بيبسي بسعة 12 أونصة بنفس سعر زجاجات كوكاكولا بسعة 6 أونصات، وهذه الحملة كانت ناجحة للغاية وجذبت العديد من المستهلكين الباحثين عن القيمة الاقتصادية.
في نفس الفترة استهدفت بيبسي فئة الشباب من خلال حملات إذاعية وموسيقية، حيث كانت تبث أغاني ترويجية شهيرة تدعو الناس لتجربة بيبسي، وهذا النهج المبتكر ساعد في بناء ولاء قوي بين الشباب تجاه العلامة التجارية.
تأثير المنافسة على شركة كوكاكولا
المنافسة التسويقية المستمرة بين بيبسي وكوكاكولا كان لها تأثير مباشر على مبيعات كوكاكولا، في بعض الفترات أدت الحملات التسويقية الجريئة من قبل بيبسي إلى تقليل حصة كوكاكولا في السوق، على سبيل المثال حملة “ضعف الكمية بنصف السعر” لبيبسي في الثلاثينيات جذبت العديد من المستهلكين الذين كانوا يبحثون عن قيمة أفضل، مما أثر سلبًا على مبيعات كوكاكولا.
أداء المبيعات: في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شهدت كوكاكولا تقلبات في مبيعاتها بسبب التنافس الشديد مع بيبسي، على سبيل المثال وفقًا لتقرير سنوي من كوكاكولا لعام 2006، تراجعت مبيعات الشركة في الولايات المتحدة بنسبة 3% في العام السابق، وهو ما يُعزى جزئيًا إلى الضغوط التنافسية من بيبسي.
إيرادات 2023: في عام 2023 بلغت إيرادات كوكاكولا حوالي 43.0 مليار دولار، وفقًا لتقرير الشركة السنوي، وهذا يُظهر أن الشركة تمكنت من الحفاظ على قوتها في السوق رغم التحديات.
تأثير المنافسة على شركة بيبسي
المنافسة التسويقية بين بيبسي وكوكاكولا كان لها تأثير كبير على مبيعات بيبسي، ورغم أن بيبسي نجحت في بعض الفترات في زيادة حصتها في السوق من خلال حملات تسويقية جريئة واستراتيجيات مبتكرة، إلا أن المنافسة الشديدة مع كوكاكولا أدت في أحيان أخرى إلى تراجع مبيعاتها، والتحركات التنافسية من كوكاكولا مثل إطلاق منتجات جديدة واستثمارات ضخمة في التسويق، أجبرت بيبسي على الاستمرار في تحسين منتجاتها واستراتيجياتها.
في فترة التسعينيات، شهدت بيبسي نموًا كبيرًا في المبيعات بفضل استراتيجياتها التسويقية الناجحة، وعلى سبيل المثال في عام 1998 أعلنت بيبسي عن زيادة بنسبة 5% في مبيعاتها العالمية بفضل استراتيجياتها الترويجية المبتكرة.
في عام 2023، سجلت بيبسي إيرادات بلغت حوالي 86.0 مليار دولار، وفقا لتقرير الشركة السنوي، ويشير هذا الرقم إلى قوة الشركة في السوق وقدرتها على التوسع والابتكار لمواجهة المنافسة.
استراتيجيات كوكاكولا التسويقية
1. العلامة التجارية والترويج
منذ بدايتها اعتمدت كوكاكولا على شخصيات ورموز ثقافية قوية لتعزيز علامتها التجارية. على سبيل المثال، استخدمت شخصية سانتا كلوز في حملاتها الإعلانية خلال فترة عيد الميلاد، مما جعل كوكاكولا مرتبطة بأجواء الاحتفالات والفرح.
2. الابتكار في المنتجات
طورت كوكاكولا مجموعة متنوعة من المشروبات لتلبية احتياجات مختلفة من السوق، مثل “دايت كوكاكولا” و”كوكاكولا زيرو” التي تستهدف المستهلكين الذين يبحثون عن خيارات منخفضة السعرات الحرارية.
3. التسويق الرقمي والسوشيال ميديا
استثمرت كوكاكولا في الحملات الرقمية والتسويق عبر الإنترنت لتعزيز تفاعلها مع المستهلكين، استخدمت الشركة منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام لإطلاق حملات ترويجية تفاعلية وجذب جمهور الشباب.
استراتيجيات بيبسي التسويقية
1. استراتيجية السعر والقيمة
في فترة الثلاثينيات أطلقت بيبسي حملة “ضعف الكمية بنصف السعر”، حيث عرضت زجاجات بيبسي بسعة 12 أونصة بنفس سعر زجاجات كوكاكولا بسعة 6 أونصات، وهذه الاستراتيجية الجريئة نجحت في جذب شريحة واسعة من المستهلكين الذين يبحثون عن قيمة اقتصادية أفضل.
2. استهداف الشباب والموسيقى
في الخمسينيات والستينيات استثمرت بيبسي بشكل كبير في الإعلانات التلفزيونية والراديو، حيث استخدمت أغاني جذابة وشعارات موجهة نحو الشباب، وحملة “جيل بيبسي” في الستينيات كانت واحدة من أبرز الحملات التي استهدفت هذا الجمهور
3. الشراكات مع المشاهير
بيبسي اعتمدت أيضا على الشراكات مع المشاهير للترويج لمنتجاتها، وتعاونت الشركة مع العديد من الفنانين والمشاهير مثل مايكل جاكسون وبيونسيه وبريتني سبيرز لإطلاق حملات إعلانية مميزة وجذابة.
الخلاصة
المنافسة التسويقية بين كوكاكولا وبيبسي كانت السبب في إبتكار عدد من الطرق التسويقية المتميزة، وهذا التنافس المستمر ساهم في تعزيز جودة المنتجات وتقديم خيارات أفضل للمستهلكين، مما جعلها منافسة تصب في مصلحة السوق والمستهلكين في نفس الوقت..